كلمة الرئيس التنفيذي

 مرت صناعة الكيماويات العالمية في 2024م بمناخ اقتصادي صعب، وخضعت لتغييرات كبيرة لتتمكن من التعامل مع حالة عدم اليقين الجيوسياسي والتغيّر في أنماط الطلب الاستهلاكي، إلى جانب الضغوط المتزايدة نحو تحقيق الاستدامة وخفض الانبعاثات الكربونية. وبينما شهدت بعض القطاعات الرئيسة مثل التعبئة والتغليف والبناء والتشييد والسلع الاستهلاكية نمواً في الطلب في صناعة الكيماويات، بقيت قطاعات أخرى في حالة ركود. وعلى مستوى صناعتنا، استمرت زيادة المعروض ومعدلات التشغيل المنخفضة في الضغط على هوامش الربح، خاصة في شمال شرق آسيا وأوروبا، نتيجة تأخر التعافي الاقتصادي.

وعكس أداؤنا المالي في 2024م البيئة الاقتصادية الكلية السائدة خلال العام. وقد بلغت الإيرادات السنوية 139.98 مليار ريال سعودي (37.33 مليار دولار أمريكي)، بانخفاض نسبته 1% مقارنة بالعام الماضي، بسبب ضغوط التسعير وركود الطلب إجمالاً. 

ومع ذلك، ساعد أداؤنا المنضبط في تحقيق أرباح قوية في 2024م. فقد بلغت الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والإطفاء 19.47 مليار ريال سعودي (5.19 مليار دولار أمريكي)، بزيادة نسبتها 2% مقارنة بالعام السابق. وساعدنا ضبط التكلفة والتركيز على الفرص ذات هوامش الربح المرتفعة في المحافظة على استقرار هوامش هذه الأرباح عند 14%. وارتفع صافي الدخل من العمليات المستمرة بنسبة 61% ليصل إلى 2.10 مليار ريال سعودي (0.56 مليار دولار أمريكي)، نتيجة للنمو في الأرباح وإدارة التكاليف بدقة.

وبالتوازي مع هذه التطورات، واصلت جهود التعاون بين (سابك) و (أرامكو السعودية) تحقيق قيمة مضافة، حيث بلغت القيمة التراكمية لهذه الجهود - منذ استحواذ (أرامكو) على 70% من أسهم (سابك) في يونيو 2020م - أكثر من 9.66 مليار ريال سعودي (2.57 مليار دولار أمريكي) حتى نهاية 2024م، بما في ذلك 3.04 مليار ريال سعودي (0.81 مليار دولار أمريكي) خلال العام 2024م.

ولطالما كان المركز النقدي القوي والميزانية العامة القوية من السمات المميزة للنهج المالي الذي تتبناه (سابك)، وأداة لضمان مرونة أداء الشركة خلال فترات التقلبات الدورية للصناعة. فخلال العام 2024م، ظل التدفق النقدي الحر قوياً عند 6.16 مليار ريال سعودي (1.64 مليار دولار أمريكي)، رغم أنه أقل من العام السابق. وبلغ صافي الدين -3.01 مليار ريال سعودي (-0.80 مليار دولار أمريكي). 

ورغم التحديات التي أثرت في الأداء المالي، حققت (سابك) خلال 2024 م تقدماً ملموساً على مستوى تنفيذ استراتيجيتها طويلة الأجل. حيث عززنا الأسس التي نرتكز عليها، وواصلنا التقدم في مبادرات التحول الرئيسة، وركزنا على إيجاد القيمة طويلة الأجل. وبفضل تركيزنا على الكفاءة التشغيلية والمرونة؛ نجحنا في التعامل مع التقلبات الدورية المتأصلة في صناعة البتروكيماويات، ووضعنا أنفسنا في مكانة أقوى استعداداً للعام 2025م.

ويُعد التركيز القوي على مراجعة وتحسين باقة أعمالنا الأساسية هو المفتاح لتحديد اتجاهنا المستقبلي. في 2024م، أكملنا عمليات بيع الشركة السعودية للحديد والصلب (حديد) وأعمال "النماذج الوظيفية"، ووقعنا اتفاقية لبيع حصتنا في شركة ألمنيوم البحرين (ألبا). وتُشكل هذه الإجراءات جزءاً من عملية مراجعة شاملة لباقة أعمالنا العالمية تستهدف ضمان إعادة توجيه رأس المال نحو تعزيز نقاط قوتنا التنافسية، مع التخلص من الأصول ذات الأداء الضعيف أو إعادة تأهيلها. ومن خلال إدارة باقة أعمالنا الأساسية بهذه الطريقة، فإننا نعزز كفاءة رأس المال ونزيد من تحقيق القيمة. 

إلى جانب إدارة باقة أعمالنا بكفاءة، نستثمر أيضاً في مشاريع استراتيجية توسع من حضورنا في السوق العالمية وتعزز قدرتنا التنافسية، لا سيما في آسيا التي تُعد منطقة نمو رئيسة بالنسبة لنا. ومن بين مشاريعنا البارزة للعام 2024م: مُجمع (سابك) للبتروكيماويات في فوجيان في الصين، والذي صنفته مجموعة الصين العالمية (تشاينا ميديا) كواحد من أفضل 10 مشاريع "للاستثمار في الصين" في 2024م. كما نواصل العمل لإنشاء أكبر مصنع في العالم لإنتاج ميثيل ثالثي بوتيل الإيثر (MTBE) في شركة (بتروكيميا) بالمملكة العربية السعودية، ونعمل على توسيع الطاقة الإنتاجية لشركة (سابك إس كيه نكسيلين) في كوريا الجنوبية، إلى جانب تعزيز حضورنا في مجال المواد الكيميائية المتخصصة عبر إنشاء منشأة تصنيع جديدة لإنتاج راتنج (ألتم™) في سنغافورة.

يعد الابتكار والاستدامة عنصرين أساسيين في استراتيجية (سابك) للنمو، ونسعى جاهدين للاستجابة للمتطلبات المتغيرة والمتطورة الخاصة بالزبائن والأطراف ذات العلاقة. وفي هذا الإطار أود أن أسلط الضوء على بعض الإنجازات الرئيسة للعام 2024م.

• انتهينا من الأعمال الميكانيكية لوحدة تحويل النفايات البلاستيكية المختلطة إلى زيت التحلل الحراري في "خيلين"، بهولندا، وبدأنا تشغيل وحدة تجريبية للمعالجة الهيدروجينية، حيث تُمكننا هذه الخطوات المهمة من تطوير قدراتنا على تحويل النفايات البلاستيكية إلى مواد لقيم دائرية عالية الجودة. 

• قمنا بتركيب أكبر محطة طاقة شمسية في العالم مصنوعة بالكامل من مواد بلاستيكية قابلة لإعادة التدوير، في موقع (سابك) بمدينة "جينك" في بلجيكا، حيث تعد هذه الألواح أقل وزناً بنسبة 50%، ولها بصمة كربونية أقل بنسبة 25% مقارنة بالألواح التقليدية، ما يوسع من إمكانات استخدام الطاقة المتجددة على الأسطح الصناعية ذات القدرة المحدودة على تحمل الأوزان الثقيلة.

• وبالتعاون مع شركتي (باسف) و(ليندي)، افتتحنا أول وحدة تكسير واسعة النطاق في العالم تعمل بالتسخين الكهربائي في موقع (باسف) في لودفيغسهافن، بألمانيا. وستكون خطواتنا التالية هي التحقق من قدرة هذه التقنية على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من النطاقين (1 و2) وجمع البيانات لتطبيقها على نطاق صناعي واسع. 

• كما أطلقنا باقة جديدة من منتجات الميثانول منخفضة الكربون. تستخدم هذه المنتجات ثاني أكسيد الكربون الناتج من العمليات التصنيعية مادة لقيماً، وقد حصلت على اعتماد برنامج الشهادة الدولية للاستدامة والكربون (ISCC+). تعزز هذه المبادرة مكانتنا الرائدة في تقنية التقاط الكربون واستخدامه (CCU)، ولا تزال منشأتنا الخاصة بالتقاط الكربون واستخدامه في شركة (المتحدة) واحدة من أكبر المنشآت من نوعها في العالم.

حظيت جهودنا الريادية في مجال الابتكار والاستدامة بإشادات عالمية، حيث حصلنا على جائزة مجلة (ICIS Innovation) للابتكار لعام 2024م لـ "أفضل ابتكار في إجراءات العمل"، وذلك عن مشروع فرن التكسير الكهربائي الذي أنشأناه بالتعاون مع (باسف) و(ليندي). كما حصلنا على جائزة البحث والتطوير (R&D 100) عن مُركّب ستاتكون (LNPTM STAT-KONTM)، وهو مادة متميزة ننتجها للاستخدام في تصنيع بطاريات السيارات. كما احتفظنا بتصنيفنا "الذهبي" من (إيكوفاديس) نظير أدائنا في مجال الاستدامة، ما وضعنا ضمن أفضل خمسة بالمائة من الشركات العالمية التي تم تقييمها في هذا المجال.

وشهد العام 2024م حدثاً مهماً، وهو إكمال مسيرة التقنية والابتكار في (سابك) ثلاثين عاماً من الإنجازات. فعلى مدار ثلاثة عقود، نجحت إدارة التقنية والابتكار في تحويل (سابك) إلى شركة رائدة عالمياً في قطاع المواد المتقدمة. وتواصل جهودنا في مجال البحث والتطوير دفع أعمالنا والإسهام في تحقيق إنجازات رائدة على مستوى المنتجات الدائرية ومنخفضة الكربون، وإجراءات العمل الخاصة بها.

لا شك أن تنفيذ استراتيجيتنا يتطلب ثقافة قيادية قوية تعمل على تمكين الموظفين على كافة المستويات. فقد ركزنا خلال العام 2024م على تنمية القيادة عبر برامج ومبادرات مثل البرنامج التدريبي المكثف للقادة (بوت كامب)، الذي تم تصميمه لترسيخ المفاهيم القيادية الصحيحة لجعل بيئة العمل محفزّة لاتخاذ القرارات السريعة، وتعزيز الحوار المفتوح والاحترام المتبادل والتعلم المستمر. وفي الوقت ذاته، عززنا مسارات التطوير المهني من خلال الدمج المُنظم لاستراتيجيات قائمة على الكفاءة، إلى جانب تعزيز الحوارات الهادفة بين المواهب في مختلف قطاعات الشركة. ويضمن نموذج القيادة في (سابك) إتاحة فرص النمو لجميع الموظفين، ويُزودهم بالقدرة على تولي مسؤولية تطورهم المهني، والإسهام في ترسيخ ثقافة الابتكار والتعلم المستمر. وفي الوقت نفسه، يُعد التميز التشغيلي أمراً أساسياً لتشغيل مواقعنا بأمان وكفاءة ومسؤولية.

اختتمنا العام 2024م بأفضل أداء على الإطلاق في مجال السلامة، حيث حققنا معدل حوادث إجمالية قابلة للتسجيل بلغ 0.09 مع عدم وقوع أي وفيات بين الموظفين والمقاولين. ويمتد التزامنا بالسلامة إلى ما هو أبعد من مجرد الامتثال؛ فهو جزء لا يتجزأ من طريقة تأديتنا لأعمالنا. وفي هذا الإطار؛ نُركز على مُساءلة القيادة، وإجراء تحسينات على مستوى سلامة الأصول في كل منطقة، عوضاً عن التركيز فقط على المتوسطات العامة لأداء كياناتنا والمقاييس الخاصة بالشركة.

وإدراكاً للحاجة إلى حماية بياناتنا وبنيتنا التحتية، قمنا أيضاً بتعزيز إطار عمل الأمن السيبراني عبر إدارات الشركة ومواقعها التصنيعية. كما عززنا إطار عمل الحوكمة من خلال تقديم نسخة جديدة من ميثاق أخلاقيات المهنة معتمدة من مجلس الإدارة، وأكدنا أداءنا المتميز في هذا الجانب بحصولنا على شهادة الريادة في الامتثال التي يمنحها معهد (إيثيسفير) للسنة الثالثة على التوالي.

إن أصولنا المتجذرة في منطقة الخليج تجعلنا نضطلع بدور مهم في الربط بين الأسواق الناشئة والمتقدمة. ويعتمد نجاحنا على المدى الطويل على قدرتنا على توقع التغيير، وسرعة التكيّف، والبناء على نقاط قوتنا التنافسية. وفي (سابك)، نرى التحولات التي يشهدها القطاع فرصاً للنمو والريادة وقيادة التغيير، ولا نرضى بمجرد محاولة الاستجابة لها. ويتجاوز تأثير أعمالنا توريد المواد؛ إذ نسهم في تشكيل مرحلة التحول القادمة في القطاع، ونعمل على مواءمة استراتيجيتنا مع (رؤية السعودية 2030) الرامية إلى تعزيز التنوع الاقتصادي، وتحقيق التنمية الصناعية، والنمو المستدام. وفي حين نُسارع الخطى نحو تنفيذ استراتيجيتنا للنمو في العام 2025م، يظل تركيزنا على التنفيذ الفعّال، لتحويل الطموح إلى فعل واقع.

في الختام، أود أن أعرب عن امتناني لكل من أسهموا في تقدم (سابك) ووصولها إلى ما هي عليه الآن، وأقصد بالطبع الموظفين والزبائن والمساهمين والشركاء. إن ثقتكم وتفانيكم وتعاونكم يدفعنا قدماً، ويُمكّننا من تحقيق طموحاتنا.

_{إخلاء المسؤولية: تستند هذه النسخة التفاعلية لـ(تقرير سابك السنوي الموحد) على الملف الأصلي المنشور على هذا الموقع الالكتروني بصيغة (PDF). وفي حال وجود أي اختلاف أو تناقض بين النسختين فإن نسخة الـ(PDF) الأصلية ستكون هي المعتمدة.}